رواية تعافيت بك الفصل 17 الفصل السابع عشر رواية تَعَافَيْتُ بِكَ” إذا كان بعض الأشياء لا تأتي سوى بالخدعة..إذًا أنا حاوي.
_____________
من الصعب أن تفرض عليك الحياة بعض الطرق وتجبرك على إجتيازها، كما أنه من الصعب أن تجمعك بعلاقات يَصعُب عليك التخلص منها، كعلاقة بعض الأقارب السامة كما علاقة المزعومة «هدير» بأفراد عائلتها،
قَص «وليد» ما ينوي فعله مع «عبلة» و «هدير» على «طارق» فتحدث «طارق» بدهشة قائلاً:
“إيه الدماغ دي يا وليد؟ بس كدا عبلة مش ممكن تزعل؟”
نظر له «وليد» بسخرية ثم تحدث قائلًا:
“نعم يا أخويا ! خايف على زعل أختك وهي لما زعلتني كل الفترة اللي فاتت دي كان عادي يعني؟”
تحدث «طارق» بضيق وهو يقول:
“مش عارف بقى يا وليد المهم أنتَ متأكد من اللي هتعمله دا؟”
أجابه بثقة ممزوجة بمزاح:
“جدًا يا طارق يا أنا يا هدير”
رد عليه «طارق»:
“طب وهتعمل إيه مع هدير بعد كدا؟”
بنفس ثقته قال:
“لأ أنا مش هعمل مع هدير حاجة، هي اللي هتعمل كل حاجة”
ربت «طارق» على كتفه ثم قال:
“خليك فاكر إن هما بنات عمك يعني أخواتك يا وليد، حتى لو هدير غلطانة في الأول والأخر هي مننا يعني مش هينفع نأذيها”
أومأ له «وليد» ثم قال:
“أنا عارف يا طارق متقلقش، أنا بس عاوز أثبت براءتي قصاد الجاموسة أختك مش أكتر”
وكزه «طارق» في يده بقوة ثم قال معنفًا له:
“ما تحترم نفسك يا وليد، متنساش إني أخوها”
ابتسم «وليد» بإستفزاز ثم قال:
“ماشي يا طارق حقك على راسي، مرضي كدا؟”
أومأ له «طارق» ثم قال:
“قُم يلا بس كلم أحمد علشان منتأخرش أكتر من كدا على وئام”
أومأ له «وليد» ثم تركه ليجلب هاتفه لكي يحادث «أحمد» هاتفيًا، بينما «طارق» نظر في أثره وهو يشعر بالفخر لكونه مُحاربًا في حب «عبلة».
__________
في الصباح وصل «ياسين» مقر عمله، وعلى الرغم من كونه شخصًا إجتماعيًا إلا إنه قليل الإختلاط بزملاء العمل، وذلك لشدة تعلقه بعالمه الخاص المكون من أصدقائه و والديه و «ميمي» ومؤخرًا أصبحت «خديجة» جزء من هذا العالم الذي يسعى «ياسين» بكل طاقته لكي تكون محور هذا العالم، دخل مكتبه فوجد زملاءه بالمكتب ينظرون له بطريقة غريبة أثارت ريبته ولكنه لم يبالي كثيرًا وشرع في عمله، وبعد مرور دقائق قليلة، وقف أحد زملائه في منتصف الغرفة ثم أطلق صفيرًا عاليًا كإشارة ما، أتى على أثرها جميع العاملين بالشركة بأوجه بشوشة وبسمة كبيرة تعتلي ملامح وجوههم، نظر «ياسين» بتعجب للجميع، فتحدث «سامح» رئيس القسم الذي يعمل به «ياسين» قائلًا:
“ألف مليون مبروك يا بشمهندس ياسين، ربنا يتمم فرحتك بخير، مع إننا زعلانين إنك معزمتناش، بس حصل خير تتعوض في الفرح الكبير”
نظر «ياسين» بتعجب حوله ثم نظر في أوجه الجميع مرةً أُخرى ثم قال:
“الله يبارك فيك يا أستاذ سامح، بس أنا مش فاهم حاجة”
ضحك الجميع على موقف «ياسين» فتحدث «أيمن» زميل «ياسين» في المكتب قائلًا:
“يا سيدي عرفنا إنك خطبت من إسبوع كدا، وعرفنا كمان إن كتب كتابك يوم الخميس الجاي رغم إنك معزمتش حد فينا ولا عرفتنا بموضوع خطوبتك دا بس إحنا برضه أجدع منك”
شعر «ياسين» بالإحراج فقال بهدوء:
“أنا متأسف جدًا يا جماعة، كل حاجة جت بسرعة والله، حتى كتب الكتاب ليه ظروف عائلية خاصة في عيلة العروسة، بس إن شاء الله تتعوض في الفرح بإذن الله”
تحدث «سامح» قائلًا:
“متقولش كدا يا ياسين إحنا كلنا هنا واحد وفرحتنا بيك أكبر من أي حاجة، ألف مبروك مرة تانية”
رد عليه «ياسين» بإمتنان نتيجة لتقديره للموقف قائلًا:
“أنا متشكر لحضرتك جدًا يا أستاذ سامح، بس أنا عندي سؤال صغير حضراتكم عرفتوا منين؟”
أجابه «محمد» أحد الشباب العاملين بالشركة قائلًا:
“عامر صاحبك يا سيدي هو اللي قالنا في الجروب اللي كان عمله علشان فيديوهات عيد ميلادك”
لماذا كل المصائب في حياتي تأتي من تحت رأس هذا الأبله، لماذا يضعني دائمًا في محل الإحراج أمام الجميع، هكذا حدث «ياسين» نفسه بعدما شرد في حديث الجميع، أنتبه على حديث «سامح» وهو يقول:
“طب يا ياسين بالمناسبة دي، أنتَ أجازة يوم الأربع والخميس”
رد عليه«ياسين» بإمتنان قائلًا:
“متشكر لحضرتك جدًا بس ملهوش لزوم يعني أنا محتاج الأجازة الخميس بس”
رد عليه «سامح» مُعقبًا:
“براحتك يا ياسين، المهم إنك تكون مرتاح، ومبروك مرة تانية”
أومأ له «ياسين» ثم أستقبل التهنئات والمباركات من الجميع، وبعد مرور دقائق قليلة جلس «ياسين» على مكتبه وهو يشعر بالصداع النصفي يهاجم رأسه، أرتاح قليلًا ثم أخرج هاتفه لكي يحادث «عامر»، اتصل به لكنه لم يرد عليه، حاول مرارًا و تكرارًا لكن دون فائدة، وأخيرًا قام بإرسال رسالة صوتية عبر تطبيق «واتساب» وهو يقول:
“رُد عليا يا عامر بدل ما أخلي أمك تترحم عليك النهاردة”
نظر للهاتف في يده وجد علامات إستقبال الرسالة باللون الأزرق كإشارة على سماعه لتلك الرسالة، انتظر «عامر» حتى يرسل له لكنه لم يفعل، فقام «ياسين» بإرسال رسالة أُخرى وهو يقول فيها:
“يا عامر متخلنيش أرمل سارة قبل ما تتجوزك”
وأيضًا سمع الرسالة دون إرسال رد عليها، فنفخ «ياسين» وجنتيه ثم ترك الهاتف من يده وهو يتوعد لـ «عامر».
___________
داخل مقر شركة أحفاد آلـ «رشيد» كان «وئام» في إستقبال أبناء عمومته، بعدما تأخروا عن موعدهم، أتى «حسن» رفيقه وشريكهم في العمل جلس بقربه ثم قال:
“إيه يا وئام هما اتأخروا ليه كدا؟”
هز «وئام» كتفيه ثم قال بضيق:
“مش عارف يا حسن والله بس زمانهم جايين”
أومأ له «حسن» وقبل الحديث مرة أخرى دخل «طارق» و «وليد» و «أحمد» فتحدث «وئام» قائلًا:
“أهُم وصلوا الرجالة، إيه اللي أخرك ياض أنتَ وهو”
تحدث «طارق» قائلًا:
“معلش يا وئام أحمد عامل زي العيل اللي رايح أول يوم مدرسة كنت بفهمه يتصرف إزاي؟”
فتحدث «حسن» بسخرية قائلًا:
“هو أحمد هيشتغل معانا هنا؟ هي المشرحة ناقصة قُتلة؟”
رد عليه «أحمد» بإستفزاز:
“والله يا حسن مش شُغلك دا شغل ولاد عمي، ليك فيه؟”
تدخل «طارق» قائلًا:
“بس أنتَ وهو مش عاوز صداع”
فقفز «أحمد» على رقبة «حسن» ثم قال بضحك:
“خُش في حضن أخوك يا أبو علي”
ضحك الجميع عليهما، فقال «وليد»:
“يابني أكبر أنتَ وهو بقى، كل مرة تتقابلوا تعملوا في بعض كدا؟”
تدخل «وئام» قائلًا:
“يلا ندخل أوضة الإجتماعات علشان نقسم الأدوار”
رد عليه «حسن» بسخرية:
“أنتَ هتفتي يا وئام؟ الشركة كلها عبارة عن شقة خمس أوض، فين أوضة الإجتماعات دي؟”
ضحك على حديثه الجميع بينما «وئام» تحدث قائلًا:
“صدقني الشركة دي هتكبر أوي يا حسن وهتبقى من أكبر شركات الدعاية والإعلان في مصر أنا واثق في كرم ربنا لينا”
وافقه الجميع في الحديث مع دعائهم بالتوفيق للجميع.
____________
في منزل آلـ «رشيد» كانت «زينب» جالسة مع «مروة» وهما يخططن سويًا ليوم عقد قران «خديجة» فقالت«مروة»:
“المهم بس نجهز الحاجة كلها، ولبس خديجة، خلي بالك يا زينب مش عاوزين مُشيرة تعيب علينا”
أومأت لها «زينب» ثم قالت:
“أنا مش خايفة غير من مُشيرة، وخصوصًا إن أخواتها فاكرينها ملاك،محدش فيهم مصدق إنها عقربة”
وافقتها «مروة» قائلة:
“معاكِ حق يا زينب، بس أنتِ غلطانة لو كنتي قولتي قُدام العيلة كلها من زمان إنها فضلت فترة بعد جوازها تكلم مجدي ومديحة، وكمان طلبت منك تسيبي طه مكناش وصلنا لكدا”
ردت عليه «زينب» بملامح بها من الغُلب كثير:
“مش أخلاقي يا مروة، أنا عمري ما أفضح إنسان ربنا ستره، يمكن هي أفترت عليا لما قالت إني بعت الصور والجوابات دي لـ «حسان» وأنا والله معملتش كدا”
ربتت «مروة» على يدها ثم قالت:
“الحكاية كلها في وجود حسان نفسه، هو الوحيد اللي هيقول مين اللي بعتله الحاجات دي”
شردت «زينب» أمامها ثم قالت:
“ربنا يسامحه بقى، مشي وأختفى وسابني أنا لمُشيرة”
في داخل غرفة «خديجة» كانت تبحث في دولابها عن شيء مناسب ترتديه يوم عقد القران، لكنها لم تجد ما يناسبها، جلست وهي تَزفر بضيق وتفكر في ذلك اليوم الذي يبدو أنه لن يمر مرور الكِرام، وقفت أمام مرآتها تنظر لنفسها لعدة ثوانٍ ثم تذكرت حديث «مُشيرة» وهي تقول:
“أومال لو كنتي حلوة زي هدير ولا عبلة كنتي عملتي إيه عشان تتكبري علينا كدا؟”
وعند تذكرها هذه النقطة بكت بشدة أمام المرآة ثم جلست على الأريكة وهي تحرك رأسها بقوة بجميع الإتجاهات كأنها تحارب لرفضها هذا الحديث وتخرجه من رأسها.
____________
داخل إحدى الغُرف في شركة أحفاد آلـ «رشيد» جلس الشباب جميعًا بها فتحدث «طارق» قائلًا:
“مبدأيًا كدا أهلًا بيك معانا يا أحمد، وقبل أي حاجة أنتَ بتشتغل مع أخواتك مش بتشتغل عندنا، ثانيًا بقى أنا عاوزك تتعلم حاجات كتير من المكان دا، يعني دي مش مجرد شركة لسه في البداية لأ الموضوع أكبر من كدا، يعني الشركة دي بدأت بأوضة في مدخل العمارة، بعد كرم ربنا وفضله علينا أشترينا الشقة دي وعملناها شركة لينا، ودلوقتي عندنا قدرة نفتح فرع تاني بس مش وقته، إحنا مستنين لما ناخد وضعنا في السوق”
أومأ له الجميع فتحدث «وئام» قائلًا:
“زي ما سمعت كدا يا أحمد كلنا هنا واحد محدش ليه سُلطة عن التاني يعني إحنا بنكمل بعض، يعني «حسن» مسؤول عن الإتصالات والتواصل مع العملاء دا علشان أسلوبه كويس وباله طويل، «طارق» مسؤول عن الحسابات ويعتبر هو الإدارة المالية، أنا هنا مسؤول الإدارة التنفيذية يعني تواريخ الإستلام والعدد والطبعات كمان في المطبعة، «وليد» بقى مسؤول التصميمات و مراجعة الإيميلات اللي الشركة بتتعامل معاها”
تدخل «حسن» قائلًا:
“كل واحد هنا ممتاز في شغله يا أحمد يعني مش مجرد حاجة هو بيعملها وخلاص، لأ دا مبدع في الحاجة اللي هو بيعملها، وعلشان مؤخرًا الشركة جالها شغل كتير تبع أجانب إحنا محتاجين مُترجم شاطر وبما إنك خريج تربية قسم إنجليزي و واخد كورسات إحنا محتاجينك هنا”
رد عليه «أحمد» بسخرية:
“مُترجم ! لأ يا بابا أنتَ وهو أنا عاوز أشتغل زي وليد”
رد عليه «طارق» مُعقبًا:
“تشتغل زي وليد إيه يا حبيبي أنتَ؟ وليد خريج إيه؟”
رد عليه «أحمد» بلامبالاة:
“وليد خريج كلية حاسبات ومعلومات “
سأله مرة أخرى وهو يقول:
“وأنتَ يا أهبل خريج إيه؟”
أجابه بثقة:
“خريج تربية قسم إنجليزي بتقدير كمان”
عقب «طارق» قائلًا:
“طيب أنتَ اللي جاوبت على نفسك يبقى نبطل هبل ونعقل بقى يا حبيبي”
تحدث «وئام» قائلًا:
“خلاص كدا فهمتوا كل حاجة، كل واحد يروح شغله وأنا هجيب لكل واحد فيكم شغله لحد عنده”
وقبل أن يقف الجميع للمغادرة تحدث «حسن» قائلًا:
“بم إن أحمد و وليد هيتجمعوا سوا في مكان واحد، ياريت نلم نفسنا يعني شغل الهبل بتاع عيلة الرشيد دا مش هينفع هنا، نكبر ونعقل كدا”
نظرا له الأثنين بسخرية ولم يعقب أيًا منهما أحدًا، تحدث «طارق» قائلًا:
“المهم أي شغل حد فيكم يستلمه يخلصه قبل يوم الخميس علشان كتب كتاب خديجة”
تدخل «حسن» بصوت مليء بالفرح وهو يقول:
“إيه دا هي خديجة هتتجوز ماشاء الله”
أجابه «وليد» بفرحة:
“أيوا يا حسن كتب كتابها على واحد إبن حلال كدا عقبالك”
تدخل «أحمد» بمشاكسة وهو يقول:
“عقباله هو طارق خلينا نخلص بقى”
ضحك الجميع عدا «طارق» الذي نظر أمامه بشرود.
______________
في منتصف اليوم بعدما إنتهى «ياسين» من عمله، خرج من الشركة وهو يشعر بِـلذة الإنتصار بعدما إنهالت عليه المباركات من جميع العاملين بالشركة حتى أصغر العمال، وأفراد الأمن، بعدما خرج من المبنى وقف بجانب سيارته ثم قام بمهاتفة «خالد» وهو يقول:
“اتصرف يا خالد، وهاتلي عامر علشان مولعش فيه”
ضحك «خالد» بقوة ثم قال:
“إهدى بس يا ياسين عملك إيه الزفت دا؟”
أجابه «ياسين» بعصبية أكثر:
“متقوليش إهدى يا خالد علشان الكلمة دي بتعصبني، وبعدين هو مش هيكبر؟”
رد عليه «خالد» بسخرية:
“يا سلام ياخويا قُل لنفسك أنتَ مش علطول، بتدافع عنه إشرب بقى، على العموم طالما عصبك أوي كدا، يبقى هيختفي فترة كبيرة سيبه وأول ما نشوفه نظبطه سوا”
هدأ «ياسين» قليلًا ثم قال:
“ماشي يا خالد تمام بس وحياة أمي مش هسيه”
ضحك «خالد» مرة أخرى ثم قال:
“يابني قولي عملك إيه بس؟”
زَفَرَ «ياسين» بقوة ثم قص عليه ما قام «عامر» بفعله، وما حدث من العُمال بالشركة، ضحك «خالد» للمرة التي لا يعرف عددها ثم قال:
“طب ما الراجل بيوجب معاك أهو يا ياسين، على العموم حصل خير متزعلش نفسك، وأنا خلصت شغل أهوه وقربت أروح”
أغلق «ياسين» معه الهاتف ثم ركب سيارته وهو يقول:
“ماشي يا عامر يا أنا يا أنتَ”
___________
مر الكثير من الوقت وعاد الشباب إلى بيت آلـ «رشيد» عدا «أحمد» الذي ذهب إلى أصدقائه، دخل «وليد» شقتهم ولم يجد بها أحدًا، فصعد إلى شقة عمه «طه» وجد بها «خلود» فقط، فقال لها:
“إيه يا خلود قاعدة لوحدك ليه؟ وفين ماما ومامتك وخديجة”
أجابته «خلود» مُردفة:
“ماما ومامتك بيجيبوا حاجات علشان كتب كتاب خديجة، وخديجة نفسها بقى نايمة جوا”
نظر حوله يتفحص المكان ثم قال لها:
“بقولك إيه يا خوخة يا حبيبة ليدو ينفع أطلب منك طلب؟”
نظرت له تتفحصه ثم وضعت كفها تتحسس جبينه ثم قالت بسخرية:
“مالك يا وليد هتموت ولا إيه؟”
رد عليه بطريقة متصنعة للحزن:
“سخن إيه بس يا خوخة هو فيها إيه يعني لما أدلع أختي حبيبتي، طب بصي كمان هديكي إيه؟”
أخرج من جيبه ورقة فئة الـ ٢٠٠ جنيه أعطاها لها ثم قال:
“دي علشان تجيبي اللي نفسك فيه كله”
نظرت له مرة أخرى ثم قالت بسخرية أكبر:
“لأ كدا والله العظيم أنتَ شكلك هتودع بجد، وأنا بخاف من الموت، ومش بعيد روحك تسكن البيت كله”
إبتسم بهدوء وهو يحاول أن يكظم غيظه ثم قال:
“إسمعي كويس يا بت أنتِ، تنفذي اللي هطلبه منك، بدل ما قسمًا برب العالمين أخلي طه يمنعك من النزول مع سلمى وأخليكي تشوفي ربع اللي خديجة شافته”
هزت رأسها نفيًا بقوة ثم قالت:
“لأ خلاص والله ها عاوز إيه أؤمر؟”
غمز لها بطرف عينه ثم قال:
“هو دا الكلام وعلشان أنا راجل قد كلمتي خدي الفلوس الأول عشان تفهميني”
أخذت الورقة من بين يديه ثم قالت:
“معاك أؤمر أنتَ بس يا ليدو”
أومأ لها مرة أخرى ثم شرع في طلبه منها، وبعد إنتهاء طلبه صرخت في وجهه قائلة:
“إيه أنتَ عاوزني أعمل كدا في بنت عمي إزاي بس يا وليد؟”
أجابها بهدوء:
“علشان خاطر ليدو حبيبك يا خوخة يارب أشوفك دكتورة قد الدنيا، والله ساعتها هفتحلك عيادة في شقتنا”
نفخت وجنتيها ثم قالت:
“ماشي يا وليد بس لو حد سألني ساعتها هعترف عليك”
أومأ لها مؤكدًا ثم قال:
“في دي حقك يا خلود، بس علشان خاطري يلا بسرعة دي فرصتي الوحيدة”
نظرت له بضيق ثم قالت:
“أمري لله يا وليد حاضر”
تركته ثم ذهبت لتأدية مهمتها أما هو خرج من الشقة وذهب خلفها لكي يراقبها، صعدت «خلود» سطح المنزل حيث مكان جلوس الفتيات، أول من رآتها هي «عبلة» فسألتها قائلة:
“خير يا خلود فيه حاجة يا حبيبتي؟”
ابتسمت «خلود» بتوتر ثم قالت:
“لأ أبدًا يا عبلة أنا كنت طالعة أشوف سلمى هنا ولا فين؟”
ابتسمت لها «عبلة» ثم قالت:
“طيب يا حبيبتي هي كانت مع ماما بيجيبوا حاجات من تحت، زمانهم رجعوا”
أومأت لها «خلود» ثم ذهبت وجلست على الكرسي الموضوع بجانب مفتاح الكهرباء، ثم قالت:
“هقعد أرتاح شوية هنا وأنزل”
أومأ لها «الجميع» بينما سألتها«هدير» قائلة:
“أومال فين خديجة أختك يا خلود؟”
نظرت لها «خلود» بعمق ثم قالت:
“نايمة يا هدير أصل عقبالك يا رب كتب كتابها قرب وبتجهز نفسها”
نظرت لها «هدير» بطريقة مُتصنعة ثم قالت:
“طيب يا حبيبتي ألف مبروك عقبالك”
نظرت لها «خلود» بنفس طريقتها ثم قالت:
“لأ ودي تيجي إزاي يا هدير عقبالك أنتِ الأول، أنتِ الكبيرة برضه”
نظرت لها «هدير»بشر وسط نظرات الفرحة من «عبير» والتعجب من «منة» بينما خارج السطح كان «وليد» يبتسم بفخر من حديث «خلود» ثم قال بصوتٍ منخفض:
“البت خلود دي جامدة زيي، صحيح تربيتي”
نظرت «خلود» بجانبها فوجدت مُرادها، أقتربت منه ثم أخذته، جلست ثوانٍ ثم قالت:
“طيب يا بنات عن إذنكم، هنزل أشوف سلمى بقى”
قالت جملتها ثم ركضت بسرعة كبيرة، وبمجرد خروجها وجدت «وليد» يمسكها من كفها بقوة ثم أخذها وركب المصعد، نزل شقتهم ومعه«خلود» دخلا الشقة سويًا فأخذت «خلود» نفسًا عميقًا ثم قالت:
“اتفضل طلبك أهوه بس خلص بسرعة يلا قبل ما تاخد بالها”
أخذ هاتف «هدير» من يدها ثم قال:
“هي ساعة زمن وهيكون معاكي تاني”
نظرت له بقوة وعمق ثم قالت:
“هو مش دا غلط كدا يا وليد؟”
أومأ لها موافقًا ثم قال:
“طبعًا دا غلط وقلة أدب و كمان، بس أعمل إيه مفيش حل تاني غير دا عندي”
أومأت له ثم قالت:
“ماشي يا وليد بس خلص بسرعة يلا قبل ما تاخد بالها وتعمل مشكلة”
جلس «وليد» على الأريكة وهو يحاول فتح الهاتف وبعد مرور دقائق قليلة فُتح الهاتف إبتسم بفخر ثم قال:
“الله عليك يا ليدو يا جامد”
ظل يتصفح الهاتف بيده وعندما توصل لطرف الخيط أخرج هاتفه تصفحه أيضًا، بعدما أوصل الخيوط ببعضها، وتوصل للمشكلة، نظر أمامه بإندهاش ثم قال:
“إيه الدماغ دي يا هدير، دا أنتِ طلعتي حرباية بصحيح، بس مش عليا يا أنا يا أنتِ”
____________
بعد مرور ما يقرب من الساعة أعطى «وليد» الهاتف لـ «خلود» بعدما أعاده كما كان من قبل، صعدت «خلود» مرة أخرى فسألتها تلك المرة «هدير» قائلة:
“خير يا خلود طلعتي تاني ليه؟”
على الرغم من توتر «خلود» الواضح إلا أنها تصنعت الثبات لدرجة عالية مُتقنة وهي تقول:
“أنا شكلي نسيت تليفوني هنا على الكرسي هشوفه كدا”
نظرت لها «هدير» بتفحص ثم قالت:
“أتصلك عليه طيب؟”
ردت عليها«خلود» بسرعة:
“لأ لأ متتعبيش نفسك خلاص أهوه لقيته”
قالت جملتها ثم ركضت للكرسي وأخذت هاتفها بعدما تركته وهي تأخذ هاتف «هدير» جلست على الكرسي وهي تُمثل الراحة ثم قالت:
“هقعد أخد نفسي من الخضة أنا أفتكرته ضاع، وهنزل”
وكما فعلت المرة السابقة، فعلته للمرة التالية ووضعت هاتف «هدير» على الشاحن وبعد مرور ثوانٍ نزلت مرة أخرى عند «وليد»، سألها مُستفسرًا فأجابته قائلة:
“كل حاجة تمام وكويس فكرة إني أسيب تليفوني فوق ديه نفعتنا كتير”
أومأ لها بغرور ثم قال:
“هو أنا أي حد ولا إيه يا بت، دا أنا وليد برضه”.
__________
مر الاسبوع على الجميع بسلام كان «ياسين» يأخذ مهام كثيرة في شغله حتى يريح رأسه من عناء التفكير، وبالطبع أنقطع عن محادثة «عامر» لكنه لم ينسى حقه،كان يتواصل مع «خالد» و «ياسر» ويقوم بزيارة «ميمي» في المساء يحكي لها عن أحلامه مع «خديجة»، وفي منزل آلـ «رشيد» كان الجميع يجتمع في المساء لكي يقوموا بالترتيب لتلك المناسبة، أما «وليد» فكان مُنشغلًا في التفكير فيما هو قادم، أما «خديجة» كلما تذكرت قرب ذلك الموعد شَعرت بالخوف يأكلها، كيف ستجلس وسط الناس وأعين الجميع عليها، كيف ستترك هذا المنزل، حتى وإن كانت تُعاني به ولكن على الأقل هي تعرفه وتعرف جميع من بداخله.
أتى اليوم الموعود وهو يوم عقد القران، استيقظ «ياسين» صباحًا وجد الفرحة تَعم أرجاء بيته والبهجة تُزين وجهي والديه وبمجرد خروجه من غرفته وجد والدته تحتضنه بحب وهي تقول:
“أحلى عريس في الدنيا كلها روح قلب أمه”
ابتسم لها ثم قبل قمة رأسها ثم قال:
“فرحتك ليا دي بالدنيا كلها يا زوزو”
أقترب منه والده ثم قال:
“أنا عمري ما كنت أتخيل إن فرحتي بيك تكون كدا يا ياسين، حتة مني بتكبر قدامي وبقى عريس زي القمر”
تأثر «ياسين» من حديث والديه، لم يستطع السيطرة على دموعه أكثر من ذلك، فمسح دموعه ثم قال:
“كفاية نكد أبوس رجلكم، أنا هنزل علشان العيال مستنيني عند ميمي علشان هنمشي من هناك”
أومأ له والديه دون تعقيب فهما على علم بدرجة قربه من أصدقائه وميمي لذلك لم يستطع أيًا منهما منعه، تحدث «ياسين» مرة أخرى وهو يقول:
“بابا معلش هتروح عند بيت خالد تاخد سارة وريهام وإيمان معاك في عربيتي، وأنا الشباب هنروح بعربية خالد”
نظر له والده بضجرٍ ثم قال:
“بقولك إيه ياض أنتَ مش علشان عريس هتقرفني في عيشتي؟”
تدخلت والدته قائلة:
“ولو هو مقرفناش يعني يا رياض مين يقرفنا، خلاص يا ياسين أمشي أنتَ يا حبيبي وإحنا هنعمل اللي أنتَ عاوزه”
نظر لهما فتحدث والده بضحك:
“خلاص ياض أمشي بقى أنا بهزر معاك، روح علشان متتأخرش على صحابك”
قبلهما «ياسين» ثم تركهم وذهب إلى أصدقائه وهو يحمل أشيائه على ذراعيه، وصل «ياسين» بيت «ميمي» وجد الأغاني الشعبية على أعلى صوتها وكأن العريس بالداخل معهم، ضحك عليهم ثم دخل «الشقة» وبمجرد دخوله وجد الشباب ومعهم أيضًا «عمار» شقيق «عامر» يرقصون جميعًا على تلك الأغاني ولم ينتبه أحد لدخوله و وجد «عامر» يعلم «ياسر» الرقص وهو يقول:
“ياض إتعلم فرحك قرب متكسفناش بقى”
أقترب منهم «ياسين» ثم قال بصوتٍ عالٍ وهو غاضب من منظرهم:
“الله الله يا أستاذ عامر، إيه اللي أنت بتعلمهولهم دا؟”
تغير وجه الجميع حتى «ميمي» فتحدث «عامر» قائلًا بخوف:
“والله يا ياسين كنت بعلمه بدل ما يهبل الدنيا في فرحه، هو الوحيد فينا اللي مبيعرفش يرقص”
وبنفس الغضب قال«ياسين»:
“أخرس يا عامر، أخرس خالص، إزاي يا بني أدم أنتَ تعلمه حركة الرجل قبل حركة الإيد، دا كدا هيتعلمها بعد سنة”
نظر له الجميع بدهشة وتعجب فإقترب «ياسين» من مُشغل الصوت ثم قام برفع الصوت إلى أخره وهو يقول:
“إتعلم بقى يا ياسر من عمك ياسين، هيصوا يا عيال أخوكم بيتجوز”
صرخ الجميع فَرِحًا ثم قاموا بإحتضان «ياسين» وشرعوا في الرقص سويًا تحت نظرات الفرحة المصحوبة بالأدمع من عيون «ميمي» بعد فترة من الرقص جلسوا جميعًا يأخذون نفسهم، اقترب «ياسين» من «عامر» ثم ضربه على رقبته من الخلف وهو يقول:
“بقى أنا أتفضح في الشركة كلها على إيدك يا بن سيدة؟ أنا طول الاسبوع كل من هب ودب في الشركة يدخل يباركلي؟ وكمان أسبوع مبتردش عليا”
ضحك «عامر» ثم ابتعد عن «ياسين» وهو يقول:
“الله بظبطك يا ياسين بدل ما أنتَ صامت كدا الحق عليا؟”,
تدخلت «ميمي» قائلة:
“يابني أكبر بقى وإحترم سنك”
تدخل «خالد» قائلًا:
“وإزاي دا يحصل يعني؟ عامر يكبر ويعقل متجيش”
وقف «عامر» وهو يقول:
“بقولكم إيه اللي هيكتر في الكلام مش هيعمل معايا ماسك على وشه وتروحوا بأشكالكم اللي تسد النفس دي، طبعًا الكلام دا مش ليك يا ياسر يا حبيبي”
نظر له «ياسين» بشرٍ ثم قال:
“طب إعملها كدا وأنا أقول لسارة الحلو مطرود من البلد ليه،دا حتى ميمي كمان متعرفش”
جحظت أعين «عامر» خارجًا، بينما ضحك الجميع عليه، اقترب «عامر» من «ياسين» ثم قبل كتفه وهو يقول:
“عمي وعم عيالي علشان خاطري بلاش”
نظر له «ياسين» بشماتة ثم قال:
“أيوا كدا أظبط وهات الماسك ولا أقول؟”
هز «عامر» رأسه نفيًا بقوة ثم قال:
“محل مسكات كامل يكون عندك”
تدخلت «ميمي» قائلة:
“أنا بقى عاوزة أعرف عامر مطرود من البلد ليه؟”
رد عليها «خالد»:
“وعد مني في أقرب وقت مناسب أنا هقولك”.
___________
في بيت آلـ «رشيد» وتحديدًا بغرفة «خديجة» كانت ترتدي فستان من اللون الأبيض من إختيار والدتها وزوجة عمها وحجاب من اللون الأبيض توجد به لمعة بسيطة من أختيار فتيات العائلة عدا «هدير» التي لم تشارك في تحضيران الحفل بناءًا على طلب من عمتها «مُشيرة»، كانت «خديجة» رقيقة بثيابها وحجابها وكانت «عبلة» تضع لها اللمسات الأخيرة من مساحيق التجميل وكانت هادئة لدرجة كبيرة بناءًا على طلب «خديجة»، دخلت «هدير» الغرفة ونظرت إلى «خديجة» بغلٍ دفين، بعدها طرق «وليد» باب الغرفة وأستأذن للدخول، فتح الباب وأول ما لفت نظره هو شكل «خديجة» أعجبه مظهرها كثيرًا فنظر إلى «عبلة بإمتنان ثم قال:
“شكرًا يا عبلة إنك مسبتيهاش لوحدها في يوم زي دا”
كان «وليد» يعلم أن أكبر مخاوف «خديجة» في مثل هذا اليوم أن تُترك بمفردها، نظرت له «عبلة» بتوتر نتيجة لطريقة حديثه معها ثم قالت:
“متقولش كدا يا وليد، خديجة أختي برضه”
أومأ لها ثم قال:
“معاكي حق، بس إيه الحلاوة دي يا خديجة قمر أنا مش مصدق بجد، بس برضه جمالك الطبيعي أحلى”
نظرت له بلهفة ثم قالت:
“بجد يا وليد؟ يعني شكلي مش أهبل؟”
هز رأسه نفيًا ثم قال:
لأ خالص والله زي القمر يا قلب أخوكي”
تدخلت «هدير» قائلة:
“بس برضه شكلك عادي يا خديجة، زودي ليها شوية حاجات يا عبلة عشان تبان أحلى أكتر من كدا”
كان حديثها واضح للعيان أنه يحمل به غل وحقد، نظرت لها «عبلة» بعتاب بينما «خديجة» اغرورقت أعينها بالأدمع ثم نظرت لوجهها بالمرآة بحسرة، نظر«وليد» بشرٍ لـ «هدير» ولم يتحدث، نظرت «هدير» في أوجه الجميع وعندما رآت تغير حالتهم شعرت بالانتصار فقالت لكي تخفي آثار قولها السابق:
“عبلة معندكيش مقشر للبشرة علشان اللي عندي خلص ومفيش وقت أجيب”
أومأت لها «عبلة» ثم قالت بضيق:
“كلمي سلمى أو خلود هما بيلبسوا تحت عندنا خلي حد منهم يجيبه ليكي”
تدخل «وليد» قائلًا:
“أنا شايف إنك مش محتجاه والله يا هدير”
ابتسمت له بتكبر ثم قالت:
“أنا عارفة يا وليد إن جمالي مش محتاج حاجة تظهره”
هز رأسه نفيًا ثم قال:
“لأ وأنتِ الصادقة مش محتاجة مقشر للبشرة علشان الحية جلدها بيقشر لوحده”
هي من بدأت بالحرب لذلك عليها تحمل النتيجة، نظرت له بحقد ثم ابتسمت وهي تتصنع الثبات قائلةً:
“والله أنتَ أدرى يا وليد، ما أنتَ متتخيرش عنهم”
بادلها نفس البسمة ثم قال:
“بنتعلم منك يا مدرسة”
قال جملته ثم غمز لها بطرف عينه، نفخت وجنتيها ثم تركتهم وذهبت، نظر كلًا من «عبلة» و «خديجة» بتعجب فنظر لهما ثم قال:
“مالكم بتبصولي ليه كدا؟ هي اللي بدأت يبقى تتحمل بقى”
جلس بجانب «خديجة» ثم قال بصوت مليء بالحب والحنان:
“ها يا خديجة حاسة بإيه؟”
نظرت له بخوف ثم قالت:
“خايفة يا وليد أوي، حاسة إن كل حاجة هتبوظ والناس هتتريق عليا، وكمان خايفة من الزحمة والناس، وخائفة شكلي يكون وحش فعلًا زي ما هدير قالت”
ربت على كف يدها ثم قال:
“كل دا مش هيحصل، كل حاجة تمام طول ما أنا معاكي هنا أنا مظبط كل حاجة علشان خاطرك”
كان يعلم لأي درجة يصل خوفها ولكنه كان الأسبق في خطواته حيث أنه قام بوضع ذلك المهديء لها في العصير حتى تستطع التعامل في ذلك اليوم نظرت له «عبلة» بحب وفخر لم تستطع إخفائه وتمنت في تلك اللحظة ان تصارحه بما يحمله قلبها له وتنسى كل ما عرفته.
بعدما طمئنها «وليد» تركها وذهب لكي يعاون الشباب في الأسفل ولكن قبل أن يُغادر نظر إلى «عبلة» نظرة لم تفهمها ولكنها أصرفت تلك النظرة عن رأسها.
___________
في بيت «ميمي» إنتهى الشباب من إرتداء ثيابهم فكان الجميع يرتدي حِلة من اللون الأسود وأيضًا قميص أسود بإختيار من «عامر» عدا «ياسين» كان قميصه من اللون الأبيض، خرجوا جميعًا من الغرفة وأول من تحدث بتزمر هو «عامر» حينما قال:
“أنتَ قطاع أرزاق ليه يا ياسين، يعني قولت هنروح كلنا سوا وأمسك إيد سارة براحتي ليه كدا يا أخي تخلي أبوك هو اللي يوصلهم”
تدخل «ياسر» قائلًا:
“أومال كنت عاوزه يعمل إيه يا غبي،كنا هنروح إزاي يعني”
هز «عامر» كتفيه ثم قال:
“عادي يعني أنا وسارة في عربية وأنتم كلكم في عربية”
رد عليه «ياسين» بضيق:
“ولا أنا دماغي مقلوبة متصدعنيش، وبعدين انتَ فاكره ميكروباص علشان ياخدنا كلنا سوا؟”
بعدما قاموا بتوبيخ «عامر» جميعهم ألقوا التحية على «ميمي» التي بكت من مظهرهم و دعت لهم بدوام الفرحة والسعادة، نزل الشباب ثم ركبوا سيارة «خالد» الذي قام «عمار» بتزينها، قام «ياسين» بمهاتفة والده حتى يخبره بتحركهم، وبعد فترة قليلة من القيادة وصل «ياسين» إلى أول الشارع الذي تسكن به «خديجة» وبمجرد إقترابه تعالت دقات قلبه
بشدة وبعد مرور خمس دقائق إقتربت سيارة والده، ومعه الفتيات اقترب الجميع من بيت «خديجة» نزل الجميع من السيارات، اقتربت الفتيات من الشباب، إبتسم الجميع لهذه اللحظة ولكن أول من تحدث هو «عامر» حينما قال لـ «سارة» أمام الجميع:
“سارة هو أنتِ يوم الجمعة؟”
تعجبت «سارة» من سؤاله فأجابته قائلة:
“لأ ليه يعني”
غمز لها بطرف عينه ثم قال:
“غريبة أصل مبحسش بالراحة غير في وجودك”
ضحك الجميع عليه أما «سارة» فتدرجت وجنتيها باللون الأحمر وشعرت بالخجل، نظرت «إيمان» إلى «ياسر» فبادلها النظرة ثم قال:
“إيمان هو أنتِ مُسكن؟”
ضحكت ثم أجابته قائلة:
“لأ ليه يا ياسر”
أجابها ضاحكًا:
“غريبة أصل مبحسش بالتعب في وجودك”
صرخ بهما «خالد» ثم قال:
“ياريت نتلم يا حيوان منك ليه”
وبمجرد دخولهم البيت تعالت أصوات الزغاريد من نساء العائلة، كان البيت مُزين بالأضواء صعد الرجال إلى الشقة المخصصة للمناسبات، وكذلك النساء في الشقة المُخصصة للنساء تم التعارف بين الجميع، وبعد مرور نصف ساعة كان «ياسين» يبحث بعينه عنها في المكان بأكمله، لكنه لم يراها لكنه صبر نفسه أنه إقترب من تحقيق هدفه، وفجأة تعالت الأصوات والزغاريد مرة أخرى نتيجة لدخول المأذون البيت، كانت «خديجة» داخل الغرفة التي تبغضها كثيرًا وهي الغرفة التي كان يُعاقبها والدها بها، صحيح أنها تغيرت كثيرًا أصبح بها العديد من المصابيح الكهربائية كما أن لونها أصبح مُبهج لكن «خديجة» لم ترى كل ذلك، كل ما رآته هو اللون الأسود الكئيب قبل طلاء جدرانها، للحظة شعرت بالإختناق وأوشكت على البكاء ولكنها حدثت نفسها قائلة:
“أنسي يا خديجة، أنسي كل دا خلاص أنتِ كبرتي على العقاب وعلى الضرب إهدي إهدي”
كانت تحدث نفسها بهذه الطريقة لكي تهديء نفسها قليلًا، في الجهة الأخرى كان «ياسين» واضعًا كفه في كف «طه» ويردد ما يلقيه المأذون على مسامعه، كان «خالد» شاهدًا على عقد القران من طرف «ياسين» و «وئام» من طرف العروس.
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”
أنهى المأذون عقد القران بهذه الجملة، بعدما قامت «خديجة» بالتوقيع على الدفتر، ولكن ما أثار دهشة «وليد» هو سرعتها في الإمضاء وكأنها تحارب شيئًا ما، بعدما توقع مجادلتها، ثوانٍ وخرجت «خديجة» وجلست برفقة الجميع في الخارج كانت مثل المُغيبة، حتى أنها ألقت التحية على الجميع دون النظر في وجوههم، فاقت من شرودها على صوت «وليد» وهو يقول:
“معلش يا جماعة أستأذنكم بس في عروستنا علشان تشوف عريسها”
نظرت حولها فوجدت «وليد» يمسك كفها ثم أدخلها الشُرفة المُزينة بعدما دخلها «ياسين» وجلس في إنتظارها، دخلت الشُرفة فنظر لها بحب وإندهاش لم ينجح في إخفائه، ولكن ما أثار تعجبه إعجابه بمظهرها العادي أكثر من ذلك، وكأنها تُثبت له أنه وقع في حب براءتها، جلست أمامه بتوتر، فنظر له «وليد» وكأنه يقوم بتوصيته عليها، أومأ له «ياسين» لكي يطمئنه خرج «وليد» وتركهما سويًا، نظر «ياسين» لها فوجدها كعادتها تَفرك كفيها ببعضهما أخذ نفسًا عميقًا ثم مد يده وهو يقول:
“أظن من حقي إنك تسلمي عليا، أنا خلاص بقيت جوزك يا خديجة”
زوجك ! ما هذه الكلمة الغريبة، لماذا وقعها على أذنها غريب، لم تتحدث ولم تعطيه ردًا فقال:
“طب إيه لو حد شافني هيفتكرني بشحت منك، يرضيكي شكلي يبقى زفت كدا”
أومأت نفيًا برأسها ثم مدت يدها لكي تُسلم عليه، وعند التقاء كفيهما سويًا شعر «ياسين» بالإطمئنان ربت على كفها بكفه الأخر فنظرت له بتعجب، ابتسم لها ثم قال:
“أنا قولتلك إني هعرفك أختارتك ليه أنتِ بالذات يوم ما تكوني على إسمي، بس صدقيني كل اللي هقدر أقولهولك إن…”
صمت ولم يُكمل حديثه فنظرت له بتعجب، أخذ نفسًا عميقًا ثم قال بأعين مُحبة:
“لا تسأليني لماذا أنتِ فمن وسط عالمٍ مليءٌ بالرفض أتيتِ أنتِ لتصبحي قبولي الوحيد”
نظرت له بإندهاش ولم تستطع التميز بين الواقع والخيال نظر لها بقوة في أعينها وهي أيضًا نظرت له ولكن ما قطع تواصلهم هو «وليد» حينما دخل الشرفة ثم قال:
“معلش يا ياسين عاوزكم برا ضروري”
أومأ له «ياسين» ثم وقف، وقفت «خديجة» أيضًا أشار لها «ياسين» لكه تسبقه وعند خروجها من الشرفة أمسك يدها جحظت عيناها بقوة فمال على أذنها ثم قال:
“إهدي يا ست الكل، أنتِ بقيتي مراتي”
خرجا سويًا للجميع في الخارج وهما ممسكان بكفي بعضهما البعض من يراهما للوهلة الأولى يظنها قصة حب من الزمن القديم، بعد خروجهما تحدث «وليد» قائلًا:
“طبعًا النهاردة كان كتب كتاب نصي التاني زي ما العيلة كلها بتقول، وأنا كنا واعدها إن يوم فرحها أنا هكون شوفت بنت الحلال، وعلشان كدا بعد إذن عمي محمد و أبويا الحج مرتضى وطارق إبن عمي”
توقف عن حديثه ثم أخرج علبة من جيبه تحتوي على دبلتين، فتحها ثم قال:
“بعد إذن اللي ذكرت إسمهم دول وبعد إذن العيلة كلها أنا هخطب عبلة بنت عمي النهاردة”
يُتَبَع